المعجزة (3)
فإن شاول كان يكره داوود لأنه يرمز للمسيح الملك لأنه أراد أن يصير هو الملك ، ويوناثان ابن شاول كان يعني عطية يهوة وهو رمز للهبة التي أوهبها لكم وهي روحي كالجذر الذي هو الوسيلة الوحيدة للاتصال بي كما كان يتصل يوناثان بداوود ويحبه مثل نفسه . فشاول هو النفس التي وهبتها من روحي كهبة وكنعمة لتشجيع هذه النفس على أن تتصل بي لكنه كان يريد أن يقتل داوود لأنه رفض الاعتراف أنه ملك. وداوود يرمز لمُلكِي أنا وكان عجيباً جداً أن يحب يوناثان داوود مع أنه ابن شاول لعلّكم تفهموا ما أفعله معكم فأنا لا يمكن أن أتصل بكم إلا عن طريق الروح كالبذرة التي لا يمكن أن تتصل بالماء الحيّ إلا عن طريق الجذر ولكن لو رفضت البذرة أن تُدفَن ستبقى وحدها وستظل مائتة لكن لو قبلت أن تُدفن أي رفضت العالم أي رفضت أنت أي شيء من هذا العالم وأنكرت ذاتك ولم يصير لك أي مشيئة أخرى إلا الحق وهو الهدف الذي خلقتك من أجله ستبدأ تستطيع أن تتصل بي فستبدأ الحياة فيك. ولكن لو كنت مازلت تطلب أي شيء من هذا العالم وتسعى له ستكون كالبذرة التي رفضت أن تُدفَن ورفضت أن تموت فلا تستطيع أن تتصل بالماء الحي فليس عندها الجذر وهكذا كثيرون رفضوا أن أصير أنا الملك والإله والرأس في حياتهم كما حدث في أيام صموئيل عندما طلبوا مَلِك لأنفسهم فهم رفضوني أنا الينبوع الحيّ وحفروا لأنفسهم آبار ماء مشققة وهكذا صرخ الشعب في وقت صلبي وقالوا "ليس لنا ملك إلا قيصر"(يو19: 15). فمكتوب "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم" (1يو2: 15) بل أوصيتكم أيضاً "مَن لا يترك جميع أمواله لا يستطيع أن يكون لي تلميذاً" (لو14: 33) حتى الشاب الذي أراد أن يسير معي وطلب فقط أن يودّع أهل بيته قلت له "أنت تنظر للوراء فأنت لا تصلُح لملكوت السموات" (لو9: 62) فأنا قد أوصيتكم "إن كان أحد يأتي إليّ ولا يبغض أباه وأمه وامرأته وإخوته وأخواته حتى نفسه لا أيستطيع أن يكون لي تلميذاً وليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو امرأة إلا ويأخذ مائة ضعف" (لو14: 26، مت19: 29) فأنا رسمت لكم خريطة الملكوت بل اشترطت أيضاً على الوسيلة مَن لم يتممها لا يستطيع أن يصل أيضاً للهدف فهذا هو الطريق الكرب وهو الطريق الوحيد الذي يصل بكم إليّ لأنه به فقط تتوقفون عن عبادتكم لمشيئتكم وذاتكم وجسدكم وهذه هي الوسيلة الوحيدة التي بها تستطيعون ان تعبدوني لتُولَدُوا من الماء تعودون لصورة آدم بعد أن تحررتُم ... فحينئذٍ تستطيعون أن تُولَدُوا من الروح وتصيروا أعضاء فيَّ .. فحينئذٍ تصيروا صورة لي ومثالي وشبهي كالعضو الذي له نفس طبيعة الجسد المستوطن فيه، لأنه لا يستطيع أحد أن يخدم سيدين: ألم تسمعوا هذا الكلام من قبل؟ فمكتوب "إن كان إنجيلنا مكتوماً فهو مكتوماً في الهالكين الذي فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إضاءة إنجيل المسيح الذي هو صورة الله" (2كو4: 3) ، بل "ملعون كل مَن لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به" (غل3: 10) ، فمَن لا يعيش الإنجيل هو لا يعبدني والذي يريد أن يعبدني ويعيش الإنجيل لابد له أولاً أن يعرف ما في الإنجيل ويفهم كل كلمة لأن كل كلمة تخرج من فمي تُحيي الإنسان.
فليتكم تفهموا الحق والنور وهو مشيئتي وليتكم تفتحوا الإنجيل وتسألوني عن معنى كل كلمة ، فإن كثيرون حتى الآن لا يفهمون ما هي الخطية التي هي في الحقيقة عدم طاعتي في أقل شيء ولهذا فإن كثيرون يعملون خطايا وهم لا يدرون ، فانا طردت آدم لعدم طاعتي عندما قلت له لا تأكل من الثمرة وأكل ، فانظروا كَمْ وصية أوصيتكم إياها وأنتم لا تعيشونها أي لا تطيعوني ، فأنا قلت "صلوا كل حين، وليضيء نوركم قدام الناس" (لو18: 1، مت5: 16) ففي الوقت الذي أنت لا تصلي فيه ، أنت لا تطيعني في هذا الوقت أي أنت تفعل الخطية وعدم سعيك للوصول إليَّ بعدم جهادك في الطريق الكرب أيضاً خطية وعدم نموك في الروح هو خطية كما قلت كل شجرة لا تأتي بثمر تُقطَع ، مع أن الشجرة بالفعل حية ولكن كونها لا تأتي بثمر فهذا دليل أنها لم تنمو في هذا الوقت .. ففي هذا الوقت هي لم تطيعني لهذا لعنت هذه الشجرة وأنا فعلت كل هذا لعلكم تفهمون، فانظر أنت لنفسك كَم من الوصايا أنت لا تطيعها .. ففي الوقت الذي لا تأتي فيه بثمر روحي أي لا تطيعني فأنت تتعداني ..
أي مَن لا يعمل الأشياء الحسنة والإيجابية والبنَّاءة ... فإن العدالة تقول أنه يجب أن يموت ولهذا أنا قلت من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية، وكنت أقصد بالأعمال الحسنة هو إطاعة كل وصية بنَّاءة. فمثلاً: مَن لا يحب أخاه فهو قاتل نفس كما هو مكتوب وسيبقى في الظلمة وسيبقى في الموت فعدم محبتك لأخيك .. العدالة تقول أنك يجب أن تموت لأنك ستكون مثل القاتل وكل قاتل نفس لا يرث ملكوت السموات (1يو3: 15) فهل لم تقرأ هذا الكلام من قبل؟! ..... فلا يوجد لإنسان عذر في العالم لم يقرأ الكتاب ولا يوجد عذر لمَن لم يفهم ولا يوجد عذر لمَن لم يعيش الإنجيل ولمَن لم يصل للقداسة.... لأنك في الوقت الذي لا تنفِّذ الإنجيل فأنت لا تطيعني أي لا تعبدني فإن لم تصلي كل حين فإنك في هذا الوقت لا تطيع وصيتي وإن لم تجاهد حتى الدم كل حين لتتحرر من العبودية فأنت لا تطيعني في هذا الوقت أي لا تعبدني فماذا تظن ما الذي فعله آدم؟!! فهو فقط لم يطيعني وفي هذه اللحظة تغيرت طبيعته تماماً لأن في هذا الوقت بالتحديد رفض أن أكون أنا الرأس بالنسبة له ، فلم يصير عضواً فيَّ وأنا مصدر الحياة الحقيقي الوحيد لهذا لم تصير فيه حياة لهذا صار كيان ميت كالبذرة المائتة لهذا فقد الطهارة والنور ولهذا مكتوب انفتحت عيناه أي عين الجسد لأنه صار في جوع كامل فبدأ يسعى بعينيه أن يُشبِع هذه الفجوة التي لا نهاية لاتساعها، فسعى عن طريق جسد آخر أن يشبع جسده وبهذا دخل الشرّ إلى العالم بسبب عدم طاعتي وعدم الشبع مني ، وفقد الإنسان الحياة والنور والقوة والشبع الحقيقي والفرح والسلام و...... .
فبعد أن كان آدم كالطفل الذي لا يفهم أي شيء في الأمور الجسدية أو في أي شرّ.. ففي الحال انفتحت عيناه لأنه استوطن في الجسد الذي أطاعه والجسد صار في حالة جوع كامل كما قال الابن الضال "أنا هنا أهلك جوعاً" (لو15: 17) فصار آدم مثل عضو في كيان آخر غيري وصارت مشيئة ذاته هي الرأس التي تحركه لذلك صارت كل أعماله من مشيئة ذاته وصارت ذاته هي الناموس الذي يتحكم فيه لذلك صارت كل أعماله خطية لأنه صار يعبد إله آخر فصار كل ما يعمله ضد مشيئتي ودخلت الخطية للعالم كله بغلطة إنسان واحد وهي عدم طاعتي أنا واستُعبِد لآلهة كثيرة كما هو مكتوب "إذ كنتم لا تعرفون الله استُعبِدتُم للذين ليسوا بالطبيعة آلهة" (غل4: 8) وكما هو مكتوب "بإنسان واحد دخلت الخطية للعالم وبالخطية الموت هكذا اجتاز الموت في جميع الناس" (رو5: 12)، فمكتوب :
"أنتم عبيد للذي تطيعونه" (رو6: 16) فإن لم تكن مصلوباً معي كما قلت على لسان القديس بولس "مع المسيح صلبت فأحيا" (غل2: 20) فأنت لن تحيا معي ، والأهم من هذا تكون غير مطيع لكلامي وهذه هي الخطية وطالما أنت لا تموت معي كل حين وبشبه موتي أي لم تسلك كما سلكت أنا على الأرض فلن تقوم معي وتكون أيضاً غير طائعاً لوصاياي أي لا تعبدني أي في هذا الوقت تعبد ذاتك وهذه هي الخطية. فعدم إتمام أي وصية وفي كل وقت وعدم الجهاد في تنفيذ الوصية هو خطية لأنك فيما أنت لا تسعى أن تجاهد في الطريق الكرب أنت بذلك لا تجاهد في أنك تطيعني أي لا تجاهد أن تعبدني فأنت بذلك مستسلم للإله الذي وُلِدتَ تحت سياقه وتحكمه لأنك حتى لو أردت أن تنفذ كلامي وتُسَرّ أيضاً بهذا ستجد ناموساً آخر في أعضائك يحارب ناموس ذهنك فستجد أن الشر الذي أنت تبغضه أنت تفعله كما شعر القديس بولس بهذا وكان يصرخ من هذا الناموس ويقول "ويحي أنا الشقي مَن ينقذني من جسد هذا الموت لأن الناموس روحي أما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية" (رو7: 24) فالأمر يحتاج إلى جهاد مستمر لتثبت لي أنك تريد أن تعبدني وترفض عبادة الإله الذي ولدت تحت سياقه وهو الجسد الذي تحيا منه ، فهذا ما فعله كل القديسين وانشغلوا به طوال حياتهم ، هذا لأنهم طلبوا النور فرؤوا المرض بوضوح كامل فأدركوا احتياجهم العلاج المستمر وهو الموت المستمر لكن كَوْن أنكم لا تعيشون الإنجيل أي لا تعيشون مثلما جاهد القديسين فهذا أكبر برهان أنكم لستم في النور ولهذا انظر الآن كَمْ إنسان تحوَّل مثل موسى الأسود وخصوصاً الذين في الكنائس باستمرار : لماذا لم يصيروا قديسين وكاملين وصورتي كما صار موسى الأسود الذي كان أشرّ إنسان في العالم؟! ولماذا لم يُوجد الآن كثيرون باعوا كل مالهم مثل الملوك الذين تركوا قصورهم وحتى أهاليهم ؟!! فهذا أكبر برهان أنكم لم تروا الحق ... فالحق هو أن العبودية كبيرة جداً وتحتاج جهاد كبير.
والحق أيضاً أن هذا العالم كخيال وكحلم وسيعبر في لحظات وأنكم ستتركون كل شيء .
والحق أيضاً .. لن تجدوا ما يُشبِع نفوسكم لأني صممت كل إنسان أن يشبع مني فقط.. فمهما حاول الإنسان في أن يُشبِع جوع نفسه .. فحتى لو امتلك العالم كله لن يشبع كما سعى سليمان واكتشف في النهاية أن الكل باطل أنه كإنسان يحاول أن يقبض على ريح.
فإن القديس بولس بعد أن اعتمد وتغيرت حياته ووُلِدتُ أنا فيه وبدأ يصنع المعجزات بروحي وباسمي قال كل هذا الكلام لأنه لا يتحرر الإنسان فجأة واحدة لهذا السبب جاهد كل القديسون عشرات السنوات ألم تسمع بهذا؟ ولم تسأل نفسك لماذا كل هذا الجهاد ؟ فهم ليسوا من عالم آخر بل وبعد عشرات السنوات يقولون إننا لم نصل بعد وكلنا خطاة، هذا لأنهم كانوا يقارنوا أنفسهم بصورتي ومثالي أي بالهدف الذي دعوتكم إليه. فكانوا يشعرون دائماً بتقصير ، فعندما لا ينمون في وقت يشعرون أنهم يخطئون، وفي اللحظات التي لا يُصلُّون لي يشعروا أنهم لا يطيعونني أي يخطئون أيضاً ... وكل هذا لأنهم كانوا في النور وكانوا أمام المرآة كل حين وكانوا يرون أنفسهم باستمرار. والرسول بولس قال "أسعى لعلي أدرك بالروح ولكني أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً ومن أجل الرب سأُمات كل النهار ولعلي أدرك أيضاً" (في3: 12، 1كو9: 27، رو8: 36) فهو إن كان واثق في الرب ولكنه لم يكن واثقاً في نفسه .
فقلت للرب: أنا لم أكن أعلم أن الأمر بهذه الصعوبة ، أنا كنت أعتقد أن إيماني بك وحضوري للقداس وتناولي من الجسد هو الطريق للخلاص.
فقال الرب لي: قد أخبرتكم أنه ما أضيق الباب وما أكرب الطريق المؤدي للحياة، فليس ضيق فقط بل ما أضيقه! لهذا ألزمتكم أن تدخلوا من الباب الضيق وبالطبع ممارسة كل الطقوس ليس هو الدخول من الباب الضيق لأن ممارسة طقس المعمودية أو التناول أو حضور القداس أمرٌ ليس ما أضيقه!! ولا هو شيء ما أكربه!! ولا حتى قليلون جداً وجدونه ، بل كل مَن يأتي إلى الكنيسة يجد بابها مفتوحاً على الدوام بل وحضور القداس أمر ما أسهله!! وممارسة الطقوس أمر ما أسهله أيضاً.. والأهم انه ليس هو أمر لا يراه أحد ، فتذكروا ما قلته أن الباب أمام الجميع ولكن قليلون الذين وجدونه فهذا أكبر برهان أن الطريق الكرب [وهو الشرط الوحيد للوصول إليَّ] أمر مختلف تماماً عن ممارسة كل الطقوس بل هو الجهاد الشخصي في الصوم والصلاة، وهو بمثابة موت البذرة ودفنها في الأرض . فهذا بمثابة الشيء الأساسي لنمو بذره الذي بدونه لا ينفع الماء ولا السماد ولا طبيعة الأرض ولا المناخ ولا الحرارة ولا الضوء ، فأنا هو رمز الماء الحي والطقوس بمثابة السماد الذي يقوي البذرة والكنيسة والأديرة مثل المناخ من حرارة وضوء فأنا بكل قوتي كالماء الحيّ لا أستطيع أن أُخَلِّص إنسان لم يجاهد كالماء الذي لا يفيد بذرة لم تُدفَن ، فإن كنت أنا مصدر الحياة وواهب الحياة كالماء ... لن أفيد بذرة [أي إنسان] لم يُصلَبْ ويُدفَنْ ويموت معي أي رفض طاعتي أي رفض عبادتي لأنه مازال يعبد جسده وذاته والعالم ورفض أن يتغصَّب ويجاهد في عدم طاعة أي إله آخر ، فهل تعتقد أن الطقوس التي كالسماد سوف تفيده ؟!! وها أنت ترى الآن أن الجميع مارسوا الطقس ويُوجَدُوا في الكنائس لكن ابحث عن مَن الذي صار قديساً وكاملاً وصورة لي ومثالي...... بالطبع يوجد لي خراف وقديسين في كل مكان ، ولكن لماذا لم يصير الجميع؟!! هذا لأن قليلون الذين قَبِلُوا أن يدخلوا من الباب.
ولكن أنتم لكم عيون لا تبصر حتى إنه قليلون هم الذين وجدوا الباب وعندما سألني واحد بعد هذا الكلام قال أيضاً : إذن يارب أقليلون هم الذين يخلصون ؟! فلم أقل له : إن صليبي سوف يخلصكم وفدائي سينقيكم وإنتظر موتي وآمن بي فستخلُص، أو مارس كل الطقوس وسَيَتِم خلاصك. ولكني قلت له: اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق. لأني الحق الحق أقول لكم أن كثيرون أرادوا أن يسيروا معي وسيطلبون ولكن لم يقدروا ، ولم أقل له هذا لكي أعجِّزه بل كنت أريد أن أشرح له الحق بوضوح كامل وأهمِّمَه وأجعله يستيقظ على أن الطريق ما أكربه! فبالفعل أنا قلت مَن آمن واعتمد خَلُصْ ولكن هذه بداية أي بداية الطريق الذي سيؤدي في النهاية إلى خلاص وليس هو نهاية الطريق أي لا يعتقد مَن يمارس طقس المعمودية أنه صار قديساً وكاملاً. بل هو بداية طاعتي وأخذ العربون كما هو مكتوب أي الرصيد الروحي بالفعل الذي يجعلكم تسيرون الطريق أي حصُلتُم على روح المعونة وليس روح الغنى والامتلاء. لأن العبودية التي وُلِدتُم فيها كبيرة جداً لأن الخراب كان كبيراً جداً هذا لأنكم في الأصل أجزاء مني أنا الغير محدود ، فعندما استعبد الإنسان الأول وخرب هيكله فقد خرّب جزء مني أنا الأزلي الغير محدود لهذا كان الخراب كبيراً جداً فيحتاج إذن لجهاد كبير جداً مع أني بنعمتي أنا سوف تخلصون ويتم كل شيء لكن جهادكم حتى الدم هو فقط الفيصل في خلاصكم لأنه هو شرط عمل روحي فيكم لأني أَرِّف على وجه المياه وأقرع على باب قلب كل إنسان الذي هو بيتي وأقول ليكن نور ، فمَن فتح لي سيدخل النور ، وقد أخبرتكم في أول الكتاب أن الأرض كانت خربة وخالية وكلها وحل وغمر في وسط ظلام دامس، فهذه حالة كل إنسان وهذا ما رآه أرميا النبي وما هو مدوَّن في الأصحاح الرابع ولكني أقول ليكن نور وأريد أن يرى كل إنسان الحالة التي وصل إليها. فهذا هو سرّ جهاد القديسون عشرات السنوات الذين كانوا بالطبيعة أيضاً في طهارة وعفة مثل مكسيموس ودوماديوس وإيلارية و أناسيمون" وبالرغم من الطبيعة الطاهرة التي وُلِدوا فيها أدركوا بنوري أنهم لا شيء وبعيدين كل البعد عن صورة الله ومثاله، وهذا ما جعلهم يهربون حتى من أهاليهم وحتى بدون أن يتناقشوا معهم كما قال القديس بولس "لم أستشر لحماً ولا دماً" (غل1: 16) لأن روحي كانت تسوقهم بقوة لأنهم طلبوني فأدركوا الهدف فأدركوا أن الطريق الذي يصل إلى هذا الهدف يحتاج إلى جهاد حتى الدم ليس لأنهم كانوا خطاة ويحتاجون إلى توبة قوية ليُولَدوا من الماء ولكن كل هذا ليُولَدُوا من الروح ، وهذا أيضاً يحتاج جهاد عظيم والدليل الأعظم لهذا الأمر الذي ذكرته في الإنجيل عن القديس يوحنا المعمدان الذي قبل أن يُولَد بدأ في عبادتي ليس لكي يتحرر من عبودية فعلها أو أن يتوب عن شر قد صنعه بل جاهد ثلاثون عاماً وكأنه في عالم آخر مع أنه كان إناءاً نقياً جداً ولم يكن هدف جهاده التحرر من عبودية بل كان الهدف السعي الكامل للوصول لصورتي ومثالي ولم يَكِلَ يوماً أو ساعة واحدة في أن يركض في الطريق .. فتذكروا يا أولادي أنني مدحته وأخبرتكم عن أنه أعظم مواليد النساء وكنت أريد أن أُريكم مثالاً كاملاً حياً لإنسان بشر مثلكم كل ما كان له كان لكم أي أعطيتكم نفس القدرة وقسمت الإيمان للجميع لأني روحي وهبتها للجميع ، فيوحنا كان إنسان مثلكم ولكنه أدرك الهدف بوضوح كامل لأنه طلب النور مثل كل القديسين لأنهم فتحوا لي عندما قرعت باب قلبهم لهذا فإن يوحنا أدرك الهدف وانشغل انشغال كامل بالوصول لهذا الهدف وعرف خطوات الطريق العملية أي طريقة الجهاد التي تصل به إلى أن يصير صورتي ومثالي لهذا عندما مدحته قلت "إنه لا يأكل ولا يشرب وكان يرتدي لباس من وبر الإبل" لأؤكد لكم أن هذا هو الطريق وهو عدم عبادة الجسد أو عدم الاهتمام به في الأكل أو الشرب أو اللباس وهذا ما بدأت به بشارتي في الموعظة على الجبل عندما قلت "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا لأجسادكم بما تلبسون بل ولا تهتموا قائلين [أي مجرد القول] ماذا نأكل ، فإن هذه تطلبها كلها أمم العالم ، بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبِرَّهُ"
فإن يوحنا المعمدان شهدت له لأريكم مثال عملي لإنسان .. كل مَا لَهُ أعطيته لكم ، لأني لا يمكن أن أُحابي وأُفَرِّق وأُعامِل عضو بطريقة مختلفة عن عضو آخر لأنكم كلكم أجزاء مني خرجتُم مني عندما نفخت في آدم وفي كل نفس عندما خلقتها ، لهذا قلت عن يوحنا أنه لا يعبد جسده من ناحية اهتمام الجسد بالطعام ولم يعطي جسده أي راحة حتى إنه لا يلبس ثياباً ناعمة ، لكي أُؤَكِّد لكم أن هذا هو الطريق .. للخلاص وللحياة وللقيامة وللعودة للصورة التي كان عليها آدم أي هذا هو طريق الحرية من العبودية وهو عدم إعطاء الجسد أي شيء يهواه أو يشتهيه.
وهذا هو النور الذي تحتاجون أن يدخل حياتكم وهو وصاياي التي هي إرشادات الطريق للعودة للصورة التي فقدتموها. فإن المجوس يرمزون لنفوس أرادت بالحق أن تعبدني فأظهرتُ لهم نوري فتتبعوه وكان هذا أكبر وأكثر شيء ضايق رئيس العالم لهذا مكتوب أن هيرودس تحقق منهم عن زمان النجم الذي ظهر وهو نوري الذي ظهر في حياتهم.. فإنه أكثر الأشياء التي تضايق رئيس الظلام الذي يريد أن يظَلّ الجميع في الظلام. وقد نصحت المجوس أن لا يهتموا بالملك الأرضي وأوحيت إليهم أن يسيروا في طريق آخر.
أمَّا العذراء التي هي رمز لنفس وُلِدتُ وَوُجِدتُ بروحي فيها أخبرتها أن تهرب لمصر حتى يهلك ويموت هيرودس الذي يطلب نفس الصبي أي كان يريد هلاك باكورة الروح، ونصحتكم وأخبرتكم كيف تحافظون على باكورة روحي وهذا بالهروب لمصر التي تعني الصليب المزدوج وهو صلب الجسد وعدم راحته أي عدم طاعته أي .. عدم عبادته
وبهذا يموت الذي كان يطلب نفس الصبي
و هكذا بدأت بشارتي بأنني علَّمتكم طريق ولادتي فيكم وهذا بتتبُعكم للنور كالمجوس والنور هو وصاياي التي بدأتها بأن "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون ولا تهتموا قائلين ماذا نأكل بل اطلبوا أولاً ملكوت الله وبِرَّهُ".. ثم علَّمتكم كيف تحافظون على روحي التي هي الصبي الذي بدأ يُولَد فيكم وهذا بالذهاب لمصر وهو أن تُصلَبُوا معي وتموتوا بشِبه موتي كما علَّمتكم ، ..
فمِن مصر دعوت ابني
أي الذي يريد أن يصير شبهي أي ابني يسلك كما سلكت أنا ، لكنكم لم تصدقوني ولم تثقوا بي!!! وها أنتم الآن تهتمون بما تأكلون وبما تشربون وبما تلبسون وبهذا لا تطيعونني أي لا تعبدونني وتنخدعون أنكم مسيحيون وتعبدونني، إذن لماذا أنا أوصيتكم بالوصية؟!
فما فائدة الوصية؟! ... وما فائدة الإنجيل؟!! ... فالإنجيل هو رسالتي ووصيتي وهي النور .. بل والمرآة أيضاً التي كان يجب أن تنظروا إليها لتعرفوا أين أنتم مني ومن الحق وهل أنتم تعبدونني أمْ لا.. أي هل انتم مسيحيون أَمْ لا ...... فأنا قلت عن يوحنا أيضاً "ماذا خرجتُم لتنظروا؟! أَقصبةً تحركها الريح؟!" أي أنه ليس مثل كثيرون يفعل ويعيش كما يعيش العالم وكما يعمل كل أهل العالم أي حسب ناموس دهر هذا العالم، وهذه هي القصبة التي تحرِّكها الريح أو الريشة التي في مهب الريح، وهذا ما تفعلونه أنتم أنكم تعيشون مثل أهل العالم لكي تصيروا مثلهم وحتى لا ينتقدكم العالم، فصرتُم عبيداً للعالم ولأهل العالم كما قال الكتاب "إذ كنتم أموات بالذنوب والخطايا لأنكم سلكتُم حسب دهر هذا العالم" (أف2: 1) أي كما يعيش أهل العالم تعيشون أنتم حتى لا ينتقدكم العالم أي صرتم أيضاً عبيداً لذواتكم وتخافون أن يُهِينَكم أو يُقَلِّل من كرامتكم أحد وبهذا فيما أنتم لا تدرون صرتُم كالقصبة التي تحرِّكها الريح أي صار لكم آلهة أخرى وصِرتم تحت ناموسها وتحكمها وسياقها ، فصِرتُم غير مسيحيين أي لا تعبدونني ، فأنتم عبيد للذي تطيعونه...:
فامتحنوا أنفسكم بأنكم تقفوا أمام المرآة وهي كلامي ووصاياي ، فأي إنسان لا يطيعني أي لا يعيش الإنجيل حتى في أقل شيء مثلما أطاع آدم نفسه ولم يطيعني في قطمة واحدة من الثمرة فهو رفض أن أكون أنا إلهه أي رفض عبادتي لهذا أنا طردته وأخبرتكم بهذا في أول رسالتي وكتابي، لهذا فإن أي إنسان لا يطيعني في وصيتي في أنه يهتم بجسده بأقل صورة وبأقل نسبة ويهتم باللُباس في أقل صورة وأقل نسبة هو إنسان رفض عبادتي أي غير مسيحي حتى لو كان كاهنا أو أسقفاً أو بطريركاً ، فأنتم عبيد للذي تطيعونه ، فاحكموا على أنفسكم قبل أن يأتي اليوم وأحكم عليكم أنا. ولكن إن لم تحكموا على أنفسكم من الآن .. لا ينفع هناك ندم أو توبة في هذا اليوم.
فليتكم تُختَتَنون ختاناً حقيقياً أي تطلبوا أن تنكشفوا أمام ذواتكم في النور أي في نور الإنجيل أي تنظروا لكل وصية قلتها هذا إذا أردتُم أن تتغيروا بالحق مثلما هو مكتوب "ونحن ناظرون إلى مجد الرب بوجه مكشوف .. كما في مرآة ... نتغيَّر إلى تلك الصورة عينها"
فماذا تعتقدون إن كان يوحنا المعمدان أعظم إنسان في تاريخ البشر وأعظم مَن ولدته النساء احتاج جهاد ثلاثون عاماً وهو كان لم يفعل شراً أبداً .. فماذا تعتقد أنت وكل إنسان كَم يحتاج من الجهاد؟!!!
فاستيقظوا يا أولادي على الإنجيل وعلى كل كلمة أنا قلتها، فهي الخريطة التي تصل بكم للكنز المخفي .. وهي النور الذي بدونه تظلُّوا في ظلام ، والذي يسير في ظلام لا يعلم إلى أين يمضي ، وتذكروا أن المجوس الذين بدأت بهم بشارتي في الإنجيل هي رمز لنفوس أرادوا أن يصلوا إليَّ وانشغلوا بالهدف ، فتتبعوا النور حتى وصلوا إليَّ ، فكما هو مكتوب "عندنا الكلمة النبوية وهي أثبت التي تفعلون حسناً التي إذا انتبهتم إليها ستكونون مثل أُناس في موضع مظلم تتبعوا سراج منير وبدأ النور ينمو ويزداد في حياتهم حتى انفجر النهار وسطع كوكب الصبح في قلوبهم أي صارت الوصية واضحة وضوح كامل في حياتهم" (2بط1: 19) فمكتوب "فقط عيشوا كما يحق لإنجيل المسيح" ، فكل كلمة ووصية قلتها يجب أن تعيشوها فقط لأنها خطوة في الطريق الذي يُقَرِّبكم إليَّ والأهم جداً يجب أن تطيعوها أيضاً لكي تصيروا عبيداً لي، وتذكروا أن أول كلمة في الكتاب المقدس قلتها ... ليكن نور ... أي إني أقرع على باب قلب كل إنسان وأقول "ليكن نور" ، فأرجوكم افتحوا لي وأنا أخبرتكم إني أترجاكم منذ القدم وأقول لكل نفس "افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا كاملتي افتحي لي ليدخل نوري في حياتك لترين ذاتك أين أنتي مني ومن الطريق ولكي تريني أنا أيضاً" فأرجوكم افتحوا لي لأن الوقت مُقَصِّر جداً ونهاية هذا العالم قد اقتربت وفي أي وقت يمكن أن يقدِّم الإنسان حساب وكالته....
وأنا كنت أسمع الرب ولم أعرف أن أجاوبه وشعرت بكم الظلام والغيبة والجنون الذي كان فيَّ وشعرت إني أقل من البهائم التي لم تخطئ ولم تُحزن قلب إلهها وشعرت أن أي حيوان أفضل مني .... وساد الصمت فترات. وكان الرب ينتظر أن تعمل كلماته فيَّ ، ورفعت رأسي وبدأ الرب يكمل كلامه وسط الصمت الذي انتابني ، فترة لا أعرف مقدارها. فإن جهاد كل إنسان هو إثبات رغبتكم في أن تعودوا فيّ وهذا لمَن استطاع أن يقدّر قيمتي.
فعندما أدرك الرسول بولس ما أدركه كل القديسين قال "إن الشرّ حاضراً عندي وليس فيّ أيضاً شيء صالح" (رو7: 21و18) فأنا قد قلت لكم "إن فعلتم كل ما أُمِرتُم به فأنتم لا تزالوا عبيد بطالون" (لو17: 10) لأن عدم فعل كل الشرور – افتراضاً – لا يعني أنك تعبدني فطالما لا تجاهد في تنفيذ الوصايا وكل حين أيضاً أي طالما لا تجاهد في الوصول للهدف الذي خُلِقتَ من أجله فأنت لا تعيش لي إذن. ومثل ملك أتى بإنسان وجده في الطرقات مُعَرّى ومريض وبين حيّ وميت وقال له أريد أن أنقذك وأعطيك حياة لتصير خادمي الخاص بل وسأجعلك وريثاً لي أيضاً ولكن يجب أن تنفذ إرشاداتي وأوامري وأتى به إلى القصر وبعد أن أدخله وشفاه من مرضه وأطعمه تركه ليعطيه حرية الاختيار فلو ظلّ هذا الإنسان في ساحة القصر يتفرّج على جمال القصر ولم يتحرك من مكانه ولم يذهب للملك: فماذا تعتقد؟ فحتى لو لم يفعل ليس الشرور بل لو لم يفعل شيئاً فكان لابد أن يطرده الملك فالقضية ليست هي انه لم يفعل شيئاً حرام حتى يُطرَد ولكنه هناك هدف من أجله أتى به الملك فإن لم يحقق هذا الهدف فالحكمة والعدل تقول أنه يُطرَد وهكذا أنا أتيت بك من العدم لتحقيق هدف واحد وحيد وهو أن تصير لي وتمتلئ كل الملء مني أي تملأ كل فراغ قلبك وفكرك أي تحبني من كل القلب ومن كل الفكر ومن كل النفس حتى تصير صورة لي ومثالي وتكون نوراً للعالم كله حتى كل مَن يراكم كأنه رآني أنا. أي تكون مشابهاً لصورتي وكأني أنا مازلت على الأرض موجوداً أو كأني ظهرت مرة أخرى. ولهذا أنا خلقتك. وهذا يكون بالاتصال بي على الدوام . فإن لم تسع لتحقيق هذا الهدف – حتى لو لم تفعل أي خطية ظاهرية بل ولو لم تفعل أي شيء – فأنت أيضاً تخطئ طالما لم تجاهد من أجل هذا الهدف .
فقلت له بعد أن أدركت أن هذا الملك هو الرب فأنا يارب كنت أصلي دائماً منذ صغري في الكنيسة وكنت شماساً منذ أن كنت طفلاً ولم يأتي صيام من قبل لم أصومه طوال حياتي حتى عندما كنت مريضاً بأزمة قلبية وفي عز الشتاء القارص كنت أذهب للكنيسة فجراً .. أليس كل هذا صلاة لك وامتلاء منك وتنفيذ وصاياك بعبادتك؟!
فقال لي الرب : اسأل نفسك : هل شعرت بي من قبل ؟ هل أحسست بوجودي وبشخصي وكأني إنسان حقيقي تعرفه؟ هل شعرت بمشاعر أبوتي ؟ هل ذقت عاطفتي من قبل أو حتى شعرت بآلامي من قبل كما أنت تشعر وترى الآن؟! وهل شعرت بتغيير أو تحويل في حياتك؟ وهل شعرت بالنمو كما ينمو جسدك هكذا ينمو روحك؟ هل شعرت بضيق الباب وبكرب الطريق وأنك مصلوباً معي ومائتاً معي؟ وهل شعرت بالصراع الذي في داخلك ومع أجناد الشر كما شعر القديس بولس عندما قال "كلما أريد الخير الذي أريده أجد أن الشر الذي لست أريده إياه أفعل"؟ (رو7: 21) فكان يجب أن تقف أمام المرآة لترى نفسك وهو الإنجيل فهل تستطيع أن تصلي كل حين ولا تمل؟ وهل تستطيع أن تبيع كل مالك ؟ وهل تستطيع أن تحب أعدائك؟ وهل إذا لطمك أحد على خدك ستعطيه خدك الآخر وستباركه أيضاً فيما هو يلعنك وتصلي لي أيضاً؟ وإن جاع عدوك تبحث عنه لكي تطعمه وتُحسِن إليه؟! هل تعيش كما في السماء يعيشون هنا وأنت على الأرض؟ هل لا تهتم بما تأكل وبما تشرب ولا تهتم حتى بما تلبس ولا تقول ماذا سآكل بإيمان كامل إني سأطعمك كما تؤمن طيور السماء؟ فالشياطين يؤمنون ويقشعرون فهل لك حتى إيمان الشياطين؟ أم أين أنت من الطريق ومني؟
لم أستطيع أن أجاوب الرب لأني اكتشفت إني كنت أعمى من قبل وكأني لم أقرأ الإنجيل من قبل وكنت متوهم إني مسيحي مع أني لم أعيش أي كلمة من كلام الرب .
فأكمل الرب كلامه لي قائلاً: فأنت كنت تسمع عني فقط كما كان أيوب يسمع عني عندما قال "بسمع الأذن كنت أسمع عنك" (أي42: 5) وهذا لأن أيوب لم يكن قد وضع أساساً أي لم يُدفَن كالبذرة ولم يكن قد مات لهذا لم يكن يعرفني معرفة شخصية لأنه لم يكن قد تم ولادة الجذر أي لم تقوم الروح في حياته وهو الوسيط الذي بيني وبين كل إنسان الذي بواسطته يستطيع الإنسان أن يشعر بي وتتم صلة قوية بيني وبينه ، فلم يكن هناك صلة شخصية قوية بين أيوب وبيني وهذه الصلة وهي الروح التي كالجذر هي الصخرة أي الأساس الذي إذا بنى بيته عليه كان لم يمكن أن يتأثر بأي رياح أو زوابع أو أنهار كما أخبرتكم "مَن يسمع أقوالي ويعمل بها أشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخرة فمهما نزلت الأمطار وهبّت الرياح أو جاءت الأنهار لا يمكن أن تزعزعه" (مت7: 24) .
وهارون رئيس الكهنة الذي فعلت على يديه معجزات لم تحدث في التاريخ ولكنه لم يكن يعرفني أيضاً لهذا باعني وعبد صنم لإرضاء الشعب لمجرد أن الشعب طلب منه وهو صاغه بيده لهم وسجد أمامه وقال "هذه هي آلهتك يا إسرائيل" (خر32: 4) وليس هذا فقط بل وقال "غداً عيداً للرب"(خر32: 5) . لأني ليس لي وجود في حياته بأي صورة فلم يكن شماساً مثلك بل كان راعي الرعاة ولكنه لم يكن قد بنى بيته على الصخرة ولم يكن هناك أساس في حياته وهو علاقته الشخصية بي والتي لا يمكن أن تتم إلا عن طريق الجذر الذي لا يخرج إلا بعد أن يدفن نفسه ويموت أي يتوقف عن عبادة أي إله آخر حتى يستطيع أن يبدأ في عبادتي وظل فترات طويلة يتصل بي فيما هو مصلوب ومائت بعد أن توفرت شروط الإنبات في حياته لهذا أخبرتكم "تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو فالحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتموت لا يمكن أن تأتي بثمر بل هي ستبقى وحدها" (مت6: 28، يو12: 24) ووقوع الحبة هي إشارة لكسر الإنسان لذاته ومشيئته واستمرار توقفه عن طاعة جسده وذاته كما فعل كل القديسون الذي تبعوني لأني أنا هو الطريق الوحيد للخلاص وأنا هو الباب الوحيد فلا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر غير الذي وُضِعَ أي غيري أي لا توجد طريقة للخلاص غير الجهاد الذي جئت وأريتكم إياه. لهذا عندما فهم كل القديسون هذا هربوا من العالم لأنهم اكتشفوا الطريقة والطريق الوحيد للوصول لله وهو الموت والصلب الدائم معي والدفن الدائم أيضاً معي وصاروا كالذبيحة الموضوعة على المذبح حتى تحرقها النار تماماً وتتحول لرماد فمات الإنسان العتيق ووُجَدت أنا فيهم وهذا ما علّمتكم إياه في العهد القديم .
فحتى يهوذا وبطرس البطاركة باعوني أيضاً لأنهم لم يكونوا يعرفوني فليس فقط رأوا معجزاتي مثل هارون بل رأوني أنا أيضاً بل وكانوا يعيشون معي وينامون معي ولكن لأنه لم يكن هناك أساس عند يهوذا وبطرس فمجرد أنه نزلت بعض الأمطار وهبّت رياح بسيطة انهار في الحال بيتهم الرملي لأنه لم يكن هناك أساس أيضاً. أما مريم المجدلية التي كانت انسانة خاطئة جداً فقد عرفتني المعرفة الشخصية الحقيقية القوية لأنها وضعت الأساس لهذا لم يقف أمامها ولم يعوقها أي شيء للوصول إليّ بل هي ذهبت لتبشر تلاميذي عندما كانوا خائفين ومحبوسين في سجن العبودية وهي عبودية الخوف ومحبة الذات والنفس أكثر من... فليتك تستيقظ على الحق قبل فوات الأوان وتدرك النور وحق الإنجيل وهو أنه لا يوجد طريق للوصول إليَّ إلا الطريق الكرب. وهذا ما أدركه كل القديسون حتى الذين كانوا ملوكاً وفتياناً تركوا عروشهم ووالديهم وبلادهم أيضاُ وتغرّبوا عن العالم لأنهم أدركوا الحق أن هذه الحياة هي لحظات ستعبر كالبخار ومَن يجاهد فيها سيربح الشبع والفرح الدائم إلى الأبد : فكيف لا تجاهدون لحظة من أجل حياة أبدية ليس لها نهاية؟! فما فائدة العقل إذن لو لم تجاهدوا في هذه اللحظات؟! وكل القديسون ليسوا من عالم آخر أو من طبيعة أخرى فأنا ألزمتكم أن تكونوا قديسين ، فمَن لا يسعى للوصول للقداسة لن يعاين الملكوت ويظل لا يعبدني أيضاً
فأنا أبوكم الحقيقي الذي أوجدتكم ، فإن أبوك الجسدي لم يُوجِدَك ولم يخلقك بل إنه تزوج لأنه لم يقدر أن يضبط جسده أي أنه بسبب عبودية جسده وفي ضعفه كان ثمر الجسد هو جسد آخر أي ثمر الجسد الذي هو أنت أي الولادة الجسدية هي نتيجة ضعف وجوع وسعيى للأخذ وليس للعطاء لهذا لا يستطع الأب الجسدي أن يهب حياة لإنسان آخر لأنه مائت لهذا قلت لنيقوديموس "يجب أن تولدوا مرة أخرى لتصيروا أبنائي.. فأبنائي وُلِدُوا ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل مني أنا فأنا هو الأب الحقيقي الذي أُعطيَ الحياة فأنا الذي أوجدتك من العدم وخلقتك ووهبتك هذه الحياة، فولادتك مني هي ثمر المحبة والهدف هو العطاء .. عطاء حياة وفرح وشبع دائم. فالهدف هو أن تحيوا بي وهذا إذا عشت لي لتجاهد حتى تصير عضواً في ّ وأكون أنا مصدر حياتك
فلا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر إلا الذي وُضِع وهو حياتي ولا يوجد عذر لمَن لم يفهم ومَن لم يصل للقداسة . فالأمر كله يتوقف على إرادة الإنسان وليس بالظروف أو بالزمن فأنا كنت على الأرض أصنع المعجزات وأُقيم الموتى وأراد اليهود رجمي وهناك في العهد القديم ايليا ودانيال وأخنوخ لم يروا شيئاً ولكن عرفوني وامتلئوا مني كل الملء لأنهم سألوا . فأنا يمكن أن أظهر للعالم كله الآن لكي أوبّخه وأخيفه لكن لن يُجدِي هذا لأن الأمر متوقف على إرادة الإنسان ، فقبولكم للصليب وإيمانكم بي ليس هو الخلاص بل هي أول درجات الخلاص وهذا لمَن لم يولد مسيحياً لأن الذي وُلِدَ مسيحياً ليس له فضل في هذا الإيمان فأنا ألزمتكم أن تدخلوا من الباب الضيق الذي مثل ثقب الإبرة وهو بداية الطريق الكرب .
قد شفيت كل مريض أتى إليّ وهذا يعني كل نفس أدركت مرضها فمَن لا يدرك أنه مريض سوف لن يأتي إليّ ويسألني أن أشفيه إذن سيظل مريضاً ، فأنت إذن تحتاج النور في أول الأمر والبصيرة لتدرك مرضك الحقيقي حتى تستيقظ على احتياجك لي ولا تنسوا أن كثيرون أرادوا وسيطلبون ولن يقدروا. ولا تنسى أنني قد أوصيتكم أنتم لستم من هذا العالم لأني كنت أريدكم بالفعل أن تعيشوا كما في السماء يعيشون كذلك من هنا على الأرض تبتدئون أن تتدربوا على أن أكون أنا الحياة بالنسبة لكم لأني لهذا خلقتكم لأكون أنا شبع كل كيانكم : شبع العقل والقلب والجسد .. لأنه في السماء إلى الأبد لا يوجد سواي فمَن رفض هذه الحياة وهو أن يحبني من كل القلب ومن كل الفكر ومن كل النفس ويكون لي بكل كيانه لا يمكن أن يكون معي هناك لأن نفسك ونفس كل إنسان هي هيكل لي أي جزء مني أنا وكَّلتك عليه فكان يجب أن تدخلني أنا فقط لأملأ فجوة قلبك وعقلك وتكون عضواً فيّ تأخذ شبع كل كيانك هذا عندما تموت عن العالم أي ترفض أن تشبع عقلك وقلبك من أي شيء من العالم هكذا مكتوب "إن كنتم قد مُتُمْ مع المسيح فلماذا كأنكم عائشون في العالم وإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس" (كو2: 20، كو3: 1). ومكتوب أيضاً "إن كان إنساننا الخارجي يفنى فالداخل يتجدد يوماً بعد يوم " فإن لم تفني إنسانك الخارجي لا يمكن أن أُولَد فيك، ولكل إنسان أعطيت له حرية الإرادة.
أخيراً يا ابني تذكروا كلامي وتحذيراتي وخصوصاً تحذيري لكم من أصل الخراب وهو أصل المرض وهو الذات عندما قلت لكم "انظروا رجسة الخراب التي قال عنها دانيال" (مت24: 15) وهو التيس الذي أريت دانيال إياه في الرؤيا الذي له قرن عظيم وتعظَّم جداً ثم انكسر وطلع عوضاً عنه أربعة قرون في كل اتجاهات العالم وتعظَّم قرن منهم حتى ارتفع إلى جُند السموات حتى إنه طرح بعض النجوم على الأرض وداسها بأرجله .. وأبطل المحرقة الدائمة وهدم المسكن المقدس
وطرح الحق على الأرض (دا8: 8)
فهذا التيس بقرنه هو الذات التي جعلت الإنسان يتوهَّم أنه عظيم جداً كالإله لهذا يرفض أن يكون هناك أي عظيم آخر على الأرض ، و عندما تأتي سيرة إنسان عظيم [كقديس مثلاً] يريد أن يمزقه بيده ، فهذه هي النجوم التي أسقطها القرن وهو تَوهُّم الإنسان أنه له القدرة الكاملة وأعظم من الكل، فالقرن الذي انكسر هو النفس التي قيل عنها "قبل الكسر الكبرياء" (أم16: 18) وبكبرياء الإنسان يرفض أن يذكر الناس سيرة أي قديس أمامه ويرفض المحرقة وهي الطريق الكرب وصلب الجسد والموت بشِبه موتي لهذا هو طرح الحق على الأرض لأنه قَبِلَ الباطل ، وتدرَّج الإنسان في الانحدار والخراب أي خرَّب نفسه بنفسه.
فهذا ما أريته لدانيال الأربعة حيوانات أن الحيوان الأول وهو الأسد الذي كان له جناحي النسر هي الصورة التي كان يمكن أن تصير في آدم وهي صورتان من الأربعة حيوانات الغير متجسدين الواقفين أمامي وهي صورة النفوس التي صارت صورة لي ومثالي .. ولكن عندما رفض آدم أن يطيعني ضاعت هذه الصورة لهذا انتتف [أي تم نتف أي اقتلاع] جناحا الأسد ، وفقد آدم هذه الصورة وهذه الفرصة كالسبع بقرات الحسنة المنظر الذين ابتُلِعوا من السبعة بقرات القبيحة المنظر ، "فتحوَّل الأسد إلى إنسان وأُعطِيَ قلب إنسان" ، ثم انحدر الإنسان لرفضه للشبع مني أنا فصار في جوع كامل وصار كالدب لأن رئيس العالم أغواه وقال له "قم وكُلْ لحماً كثيراً"(دا7: 4) وهذا لأن الإنسان في شدة جوعه بدأ يطيع جسده في كل ما يشتهيه فصار في شراهة ونهم الدب، وبدأ يرتفع على جنب واحد أي بدأ يتباهى بنفسه وبدأ يسعى أن يلتهم أخيه الإنسان وهذه هي الثلاثة أضلاع التي بين أسنان الدب ، وانحدر الإنسان وخَرُبَ أكثر وأكثر وصار كالنمر الذي له أربعة رؤوس لأن شراسته صارت في كل الاتجاهات بسبب الجوع الكامل الذي صار في كل حاسة من حواس الجسد: سواء في نهم الأكل وخصوصاً حاسة اللمس. فصار في قوة شراسة النمر وفي سعيه لسد جوع الجسد الثائر بحواسه الجسدية في كل أعضاؤه الذي صار يتحرَّق كما هو مكتوب (1كو7: 9) ، مما جعلني أن أنصح الرجل الذي يتحرَّق بجسده أن يتزوج بدلاً من أن يظل هكذا كالخشبة التي تحترق من شدة ثورة الجسد وجوعه الكامل طالما لم يستطيع أن يضبط نفسه (1كو7: 9).
أمَّا الحيوان الرابع فهي آخر صورة وصل إليها الإنسان الذي لم أجد حيوان أستطيع أن أُشَبِّهه به على الأرض حتى إني لم أَقُلْ أنه أسد أو تمساح أو حتى ديناصور ولكن الحقيقة أن كل الحيوانات الشرسة والمتوحشة والمفترسة لن تنفع في هذا التشبيه وهي الصورة التي وصل إليها الإنسان ، لهذا قلت إن الحيوان الرابع هو هائل ... وقوي ... وشديد ...جداً ، وله أسنان من حديد كبيرة وكان يختلف عن كل الحيوانات الذين قبله وكان له عشرة قرون أيضاً. وليت كل إنسان يتخيل ما وصل إليه الإنسان ، أنه صار أشرس حتى من الوحوش الشرسة المفترسة وهذا يظهر في البُغضة الكاملة لكل إنسان وخصوصاً لِمَن يُهِين كرامته، أو إذا أراد إنسان أن يأخذ حقه يريد الإنسان الآخر أن يفترسه افتراساً بأسنانه الحديدة وقرونها العشرة. فليتكم تتأملوا يا أولادي كيف تكون صورة هذا الحيوان الذي له عشرة قرون... فأي رأس يمكن أن يُوضع فيها عشرة قرون؟! وماذا تعتقدون ستكون صورتها؟! بل إنه القرون كان بها أعين وفم أيضاً يتكلم بعظائم ويريد أن يحارب القديسين بل أراد أن يحاربني أنا أيضاً ..!!! (رؤ19:19).
فليسأل كل إنسان نفسه: أي حيوان هو من الذين أخبرتكم عنهم؟! أمْ أنكم لا تدرون أنه يمكن أن تكونوا الآن كل هذه الحيوانات في وقت واحد لهذا قلت لكم "تذكروا واحترزوا من أصل الخراب ورجسة الخراب" (مت24: 15) وهو أصل المرض الذي أريته لدانيال وهي الذات لهذا اشترطت على مَن يريد أن يسير معي أن يُنكِر ذاته أولاً ويُبغِض نفسه أيضاً أي يرفض عبادة هذا الوهم بل ويتحرر من هذه العبودية المُرَّة قبل فوات الأوان. فحتى التمثال العظيم الذي كان رأسه من ذهب انحدر وصار فضة ثم نُحاس ثم حديد ثم خزف وطين، فهذا هو الإنسان الذي تباهى أنه إله ، فمع كل القوة التي أعطيتها له [مثل كل قوة المعادن النفسية كالذهب والفضة والشديدة القوة كالنحاس والحديد] ... فإذا ترك نفسه هكذا ، فسوف أسقط عليه أنا في يوم الدينونة كالحجر الذي ضرب التمثال وستضيع كل هذه القوى التي أعطيتها للإنسان ويصير كالرماد. ولكل إنسان أعطيت له حرية الإرادة .
وبعد كل هذا الكلام أغمض الرب عينيه وبدأ يتأمل وعاد لحزنه مرة أخرى.
تم تحديث الصفحة في 29/3/2009
الصفحة رقم (1) |
(2) |
(3) |
(4) |
(5)
|
(6)
|
(7)
الصفحة الرئيسية | المعجزة | رسالة هامة | رسالة الدينونة | أسئلة هامة | قاعة الصور | ألبوم الصور | مشاهدة المقدمة فلاش |
إنزال محتويات الموقع | مساعدة في عرض الصور والموسيقى بالفلاش | عظة روحية